رمضان والتميز..
إن مظاهر التميز في شهر رمضان كثيرة، وآفاق الرقي فيه متعددة، بحيث يمكن أن يقال: إن رمضان هو شهر التميز في حياة المسلمين.
فمن مظاهر التميز في شهر رمضان:
أولاً: التميز النفسي والروحي:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله! أمر ابن آدم بالسجود، فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار» [رواه مسلم].
إن تميز هذا الشهر بتنويع العبادات، جعل منه دوحًا غناء بما لا يمل منه المسلم من أزهار العبادات، وثمار الطاعات، ورياحين القربات.
فهو شهر القرآن كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ} [البقرة: 185]، وكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في شهر رمضان، ولذلك فإنه يستحب في هذا الشهر تلاوة القرآن وحفظه وتدبره ودراسته والاستماع إليه.
- وهو شهر الصيام: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185].
- وهو شهر القيام: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم].
- وهو شهر الجود والصدقات: «فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة» [رواه البخاري].
- وهو شهر الذكر والدعاء: «إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم و ليلة (يعني في رمضان)، وإن لكل مسلم في كل يوم و ليلة دعوة مستجابة» [صححه الألباني].
ثانياً: التميز الخلقي:
إن صيام رمضان له تأثير إيجابي على سلوك الصائم وأخلاقه، يزكي الأنفس، ويرقق المشاعر، ويدعو إلى الحلم، والصفح والعفو والصبر على الأذى، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا التميز الخلقي الذي يضفيه الصيام على سلوك الصائم، فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أصبح أحدكم يوما صائما، فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله، فليقل: إني صائم، إني صائم» [رواه مسلم]
ثآلثاً: التميز الاجتماعي:
كثيرة هي جوانب التميز الاجتماعي في شهر رمضان، حتى أن بعض السلف سئل: "لم شرع الصيام؟"، فقال: "ليذوق الغني طعم الجوع، فلا ينسى الجائع". ومن هنا كان كثير من السلف يواسون من إفطارهم، أو يؤثرون به ويطوون. فكان ابن عمر رضي الله عنهما يصوم، ولا يفطر إلا مع المساكين
رآبعاً: التميز الدعوي:
يستطيع المسلمون أن يجعلوا من هذا الشهر وسيلة عظيمة من وسائل الدعوة إلى الله عز وجل، وذلك إذا عرفوا حقيقة الصيام، وطبقوا مقاصده في حياتهم، فعند ذلك، سيقدمون للعالم صورة مشرقة عن الإسلام والمسلمين، تلك الصورة التي شوهها بعض أبناء المسلمين بأفعالهم الشنيعة وتصرفاتهم الخاطئة.
إننا الأمة الوحيدة التي تصوم شهرًا كاملاً في السنة، فتستعلي بذلك على ثقافة الاستهلاك، وتقهر شهوات النفس التي تتطلع إلى كل جديد من ألوان المطاعم والمشارب،، فلو التزمنا بهذا الاستعلاء لقدمنا بذلك الأنموذج العملي للمسلم المعاصر القادر على ضبط النفس وقيادتها.