الرؤية المؤطرة لتتبع التعلمات:
يرمي التتبع الفردي للتلاميذ إلى مرافقتهم ودعمهم واستباق مشاكلهم التعلمية وإيجاد الحلول الممكنة لكل العوامل المعيقة لمسار دراسي ناجح. ومن أجل ذلك يعمل التتبع الفردي للتلاميذ على تكوين نظرة مجملة عن الحالة النفسية والصحية والاجتماعية للتلاميذ وعلى مسارهم الدراسي ودرجة تطويرهم للكفايات، وذلك من خلال جمع واستثمار معطيات سو سيوتربوية حول حالتهم العائلية وظروفهم الصحية والشخصية وتعلماتهم ومدى تمكنهم من الكفايات المستهدفة من المناهج الدراسية، سواء منها الكفايات المتعلقة بالمواد الدراسية أو الكفايات المستعرضة (كفايات منهجية وتواصلية واجتماعية).
وإذا كان جمع المعطيات السوسيوتربوية لا يطرح مشكلا باعتبارها معطيات موضوعية وملموسة، من قبل اسم التلميذ وسنه وحالته الصحية وسنوات تمدرسه..فإن المعطيات المتعلقة بتتبع التعلمات تطرح صعوبة حقيقية في جمعها وتفسيرها، لأن الأمر يتعلق بالحكم على سيرورة ومواضيع معرفية مجردة لا يتم وصفها وتكوين حكم عنها إلا من خلال نموذج نظري يعتمد معايير ومؤشرات وأدوات منهجية لجمع المعطيات حولها.
فعندما نريد تكوين نظرة متكاملة عن مدى تمكن التلاميذ من الكفايات المرتبطة بالمواد والكفايات المستعرضة، فإن أسئلة منهجية تطرح من قبيل:
♦ أي كفايات ينبغي تتبعها في كل مادة ؟
♦ كيف يمكن الحكم على درجة تمكن التلميذ من هذه الكفايات ؟
♦ كيف يمكن صياغة خلاصات حول نتائج تتبع هذه الكفايات ؟
♦ كيف يمكن تحديد إجراءات دقيقة وقابلة للتنفيذ جوابا على التعثرات أو المشاكل التي نجمت عن تتبع التعلمات ؟
تفرض هذه الأسئلة توضيح الرؤية المؤطرة للتتبع الفردي للتلاميذ.
بداية يجب التمييز بين تتبع التعلمات وتقويمها. فالتتبع يعني إعطاء نظرة متكاملة عن التعلمات اعتمادا على مجموعة من المؤشرات التي تكون لوحة قيادة. ويتم تحديد حالة هذه المؤشرات اعتمادا على مختلف التقويمات الحاضرة في العملية التعليمية التعلمية والتفاعلات والاحتكاكات اليومية المباشرة بين الأستاذ وتلاميذه ( مراقبة مستمرة، امتحانات دورية، تكوين تقويمي، ملاحظة التلاميذ داخل الفصول، استبيان طرق اشتغالهم ومدى مواظبتهم وانخراطهم في العمل المدرسي، الاطلاع على حالتهم وظروفهم الشخصية والعائلية من خلال المقابلة والسؤال المباشر من طرف الأستاذ..).
انطلاقا من هذه الاعتبارات يظهر جليا أن بطاقة التتبع الفردي للتلاميذ لا يمكن أن يعبئها إلا أستاذ القسم لأنه وحده يعرف تلاميذه حق المعرفة وهو من يقوم كفاياتهم ويتعرف على نجاحاتهم وتعثراتهم.
إن بطاقة التتبع الفردي للتلاميذ ليست أداة تقويم، بل هي وسيلة لإعطاء صورة مركبة ومختصرة عن التلميذ اعتمادا على التقويم. لماذا؟ لأن الحكم مثلا على درجة تمكن التلميذ من كفاية ما تتطلب أن يوضع أمام وضعيات مركبة تنتمي لفئة وضعيات المسائل المرتبطة بهذه الكفاية، والحكم على أدائه…إذن عندما يريد الأستاذ أن يعبئ شبكة تتبع تعلمات تلميذ ما فإنه يعود إلى التقويمات التي أنجزه في المادة التي يدرسها، ويطلع على نتائج التلميذ في التقويم بعدها يعبئ الشبكة، وعندما يريد أن يحدد خلاصات التتبع فعليه أن يحدد صعوبات التلميذ انطلاقا من هذه التقويمات. وكذلك عندما يريد تحديد إجراءات المعالجة، عليه أن يحدده اعتمادا على ما لاحظه من خلال التقويم ( هل صعوبات التلميذ تتعلق بالحساب أم بالهندسة، هل له صعوبة في الكتابة أم في المعجم..) كذلك عندما يريد تعبئة الشبكة في جانبها المتعلق بالكفايات المنهجية والاجتماعية، فعليه أن يعتمد على ما لاحظه من خلال معايشته للتلميذ : هل هو مشاغب، غير مواظب، لا ينجز الفروض…