لاتحزن مِنَ الشّدائد
فإنَّ الشدائد تقوِّي القلب ، وتمحو الذنب ، وتقصم العُجب ، وتنسف الكِبر ‘ وهي ذوبان للغفلة ، وإشعال للتذكُّر ، وجلبُ عطف المخلوقين ، ودعاءٌٌ من الصالحين ، وخضوع للجبروت ، واستسلام للواحد القهار ، وزجرٌ حاضر، ونذير مقدم ، وأحياء للذكرِ ، وتضرعُّ بالصبر ، واحتساب للغُصص ، وتهيئة للقدوم على المولى ، وإزعاج عن الركون إلى الدنيا والرضا بها والاطمئنان إليها، وماخفي من اللطف أعظم ، وماسُتِرَ من الذنب أكبر، وماعُفي من الخطأ أجلُّ .
*****************
الناس مع الشدائد على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: تُقَوّيهم وتشحذ عزائمهم.
الصنف الثاني: يَتَعايشون معها، سقوطاً ونهوضاً.
الصنف الثالث: تُقْصم ظهورهم، وتدمّر حياتهم.
- فأما الذين تُقويهم، فهم الذين تَـلَـقَّـوْا في صِغَرِهم تربيةً سليمةً، صِحيةً (نفسانياً) انْبَنَتْ عليها أُسُسٌ لِنُفُوسُهِمُ القوية.
- وأما الذين يَتَعايشون معها، فهم الذين تَـلَـقَّوْا ممن صَهِـرُوا على تربيتهم تربيةً شبه سليمة، نصف صحية (نفسانياً) انْـبَـنَـتْ عليها أُسُسُ نفوسهم تتراوح بين القوة والضعف.
- وأما الذين تُقصم ظهورهم، فهم الذين تَـلَـقَّـوْا في أيام طفولتهم تربيةً مريضةً مُمْرضةً، مدمرةً من الناحية النفسية، انْـبَـنَـتْ عليها برمجةٌ نفسية (أُسُسٌ لِلنَّفْسِ) تدفعهم إلى السقوط دفعاً، وتمنعهم من النهوض منعاً!
وهذا الصنف الثالث معرضون للسقوط، بمجرد أن تُوَاجِهَهُمْ مسؤولياتُ الحياةِ العاديةِ!
والله تعالى لطيفٌ بعبادهِ لا يسلّط الشدائد إلا على أصحاب النفوس القوية؛ وهو سبحانه إذ يفعل بهم ذلك، إنما يريد أن يرفع من شأنهم في الدنيا والآخرة.
منقول.