موعظة من كتاب التبصرة لابن الجوزي
"تيقَّظ يا غافل وانهض ببدَارك، فمالك لأهلك وأنت ضيف بدارك، واستدرك قديمك وأصلح بالتقى حديثك، وامنع لسانك اللغوَ واجعل الذِّكر حديثك.
إلى متى في حب البطالة منكمِش، وبلذات الكسل خَذلان دَهِش، وإذا فات الهوى بِتَّ من الحزن ترتعِش، أما رأيت ذا مال وأمل لم يَعِش، أما شغَلك الموت عن زخرف قد نُقِش، أما تعلم أنك للموت في القبر تَفترِش، أما تحذَر يومًا لا تجد الماء من العطش، عجبًا لموقِن بالقيامة لم يَجُع ولم يعطش.
إخواني: آن الرحيل وما عندكم خبر، إلى كم تُوعَظون ولا تتَّعِظون، وتُوقَظون ولا تتيقَّظون، وتُتعِبون الناصح ولا تقبلون، ويكفي في البيان رؤية الأقران يرحلون ﴿ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الطور: 15]، أكُلِّفتم ما لا تُطيقون؟! أُكلِّمتم بما لا تفهمون؟ ما لكم عن مآلكم مُعرِضون؟ ما هذا الفتور وأنتم سالمون؟ ما هذا الرُّقاد وأنت منتبهون؟
كم مؤمِّل إدراك شهر ما أدركه، فاجأه الموت بغتة فأهلكه، كم ناظرٍ إلى صومه بعين الأمل، طمسها بالممات كَفُّ الأجل، كم طامع أن يلقاه بين أترابه، ألقاه الموت في عقر ترابه".
والحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وآله وسلم.
رابط الموضوع:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]