قصيدة “الهمزية النبوية”
أحمد شوقي
أحمد شوقي
قصيدة “الهمزية النبوية” وعرفها العرب باسم “ولد الهدى” وتقع القصيدة في مائة وواحد وثلاثين بيتًا
وُلِـد الُهدى، فالكائنات ضياء *** وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ *** لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي *** وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماء
وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا *** بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ *** وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ
نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ *** في اللَوحِ وَاسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اسمُ الجَلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ *** أَلِفٌ هُنالِكَ وَاسمُ طَهَ الباءُ
يا خَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً *** مِن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بَيتُ النَبِيّينَ الَّذي لا يَلتَقي *** إِلّا الحَنائِفُ فيهِ وَالحُنَفاءُ
خَيرُ الأُبُوَّةِ حازَهُمْ لَكَ آدَمٌ *** دونَ الأَنامِ وَأَحرَزَت حَوّاءُ
هُم أَدرَكوا عِزَّ النُبُوَّةِ وَانتَهَت *** فيها إِلَيكَ العِزَّةُ القَعساءُ
خُلِقَت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها *** إِنَّ العَظائِمَ كُفؤُها العُظَماءُ
بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت *** وَتَضَوَّعَت مِسكًا بِكَ الغَبراءُ
وَبَدا مُحَيّاكَ الَّذي قَسَماتُهُ *** حَقٌّ وَغُرَّتُهُ هُدىً وَحَياءُ
وَعَلَيهِ مِن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ *** وَمِنَ الخَليلِ وَهَديِهِ سيماءُ
أَثنى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ *** وَتَهَلَّلَت وَاهتَزَّتِ العَذراءُ
يَومٌ يَتيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ *** وَمَساؤُهُ بِمُحَمَّدٍ وَضّاءُ
الحَقُّ عالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ *** في المُلكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ
ذُعِرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت *** وَعَلَت عَلى تيجانِهِم أَصداءُ
وَالنارُ خاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُمْ *** خَمَدَت ذَوائِبُها وَغاضَ الماءُ
وَالآيُ تَترى وَالخَوارِقُ جَمَّةٌ *** جِبريلُ رَوّاحٌ بِها غَدّاءُ
نِعمَ اليَتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ *** وَاليُتمُ رِزقٌ بَعضُهُ وَذَكاءُ
في المَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ *** وَبِقَصدِهِ تُستَدفَعُ البَأساءُ
بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم *** يَعرِفهُ أَهلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ
يا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا *** مِنها وَما يَتَعَشَّقُ الكُبَراءُ
لَو لَم تُقِم دينًا لَقامَت وَحدَها *** دينًا تُضيءُ بِنورِهِ الآناءُ
زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ *** يُغرى بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ
أَمّا الجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ *** وَمَلاحَةُ الصِدّيقِ مِنكَ أَياءُ
وَالحُسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ *** ما أوتِيَ القُوّادُ وَالزُعَماءُ
فَإِذا سَخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى *** وَفَعَلتَ ما لا تَفعَلُ الأَنواءُ
وَإِذا عَفَوتَ فَقادِرًا وَمُقَدَّرًا *** لا يَستَهينُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ
وَإِذا رَحِمتَ فَأَنتَ أُمٌّ أَو أَبٌ *** هَذانِ في الدُنيا هُما الرُحَماءُ
وَإِذا غَضِبتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ *** في الحَقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ
وَإِذا رَضيتَ فَذاكَ في مَرضاتِهِ *** وَرِضا الكَثيرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ
وَإِذا خَطَبتَ فَلِلمَنابِرِ هِزَّةٌ *** تَعرو النَدِيَّ وَلِلقُلوبِ بُكاءُ
وَإِذا قَضَيتَ فَلا ارتِيابَ كَأَنَّما *** جاءَ الخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ
وَإِذا حَمَيتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو *** أَنَّ القَياصِرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ
وَإِذا أَجَرتَ فَأَنتَ بَيتُ اللهِ لَم *** يَدخُل عَلَيهِ المُستَجيرَ عَداءُ
وَإِذا مَلَكتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها *** وَلَوَ اَنَّ ما مَلَكَت يَداكَ الشاءُ
وَإِذا بَنَيتَ فَخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً *** وَإِذا ابتَنَيتَ فَدونَكَ الآباءُ
وَإِذا صَحِبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّمًا *** في بُردِكَ الأَصحابُ وَالخُلَطاءُ
وَإِذا أَخَذتَ العَهدَ أَو أَعطَيتَهُ *** فَجَميعُ عَهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ
وَإِذا مَشَيتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ *** وَإِذا جَرَيتَ فَإِنَّكَ النَكباءُ
وَتَمُدُّ حِلمَكَ لِلسَفيهِ مُدارِيًا *** حَتّى يَضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ
في كُلِّ نَفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ *** وَلِكُلِّ نَفسٍ في نَداكَ رَجاءُ
وَالرَأيُ لَم يُنضَ المُهَنَّدُ دونَهُ *** كَالسَيفِ لَم تَضرِب بِهِ الآراءُ
يأَيُّها الأُمِيُّ حَسبُكَ رُتبَةً *** في العِلمِ أَن دانَت بِكَ العُلَماءُ
الذِكرُ آيَةُ رَبِّكَ الكُبرى الَّتي *** فيها لِباغي المُعجِزاتِ غَناءُ
صَدرُ البَيانِ لَهُ إِذا التَقَتِ اللُغى *** وَتَقَدَّمَ البُلَغاءُ وَالفُصَحاءُ
نُسِخَت بِهِ التَوراةُ وَهيَ وَضيئَةٌ *** وَتَخَلَّفَ الإِنجيلُ وَهوَ ذُكاءُ
لَمّا تَمَشّى في الحِجازِ حَكيمُهُ *** فُضَّت عُكاظُ بِهِ وَقامَ حِراءُ
أَزرى بِمَنطِقِ أَهلِهِ وَبَيانِهِمْ *** وَحيٌ يُقَصِّرُ دونَهُ البُلَغاءُ
حَسَدوا فَقالوا شاعِرٌ أَو ساحِرٌ *** وَمِنَ الحَسودِ يَكونُ الاستِهزاءُ
قَد نالَ بِالهادي الكَريمِ وَبِالهُدى *** ما لَم تَنَل مِن سُؤدُدٍ سيناءُ
أَمسى كَأَنَّكَ مِن جَلالِكَ أُمَّةٌ *** وَكَأَنَّهُ مِن أُنسِهِ بَيداءُ
يوحى إِلَيكَ الفَوزُ في ظُلُماتِهِ *** مُتَتابِعًا تُجلى بِهِ الظَلماءُ
دينٌ يُشَيَّدُ آيَةً في آيَةٍ *** لَبِناتُهُ السوراتُ وَالأَدواءُ
الحَقُّ فيهِ هُوَ الأَساسُ وَكَيفَ لا *** وَاللهُ جَلَّ جَلالُهُ البَنّاءُ
أَمّا حَديثُكَ في العُقولِ فَمَشرَعٌ *** وَالعِلمُ وَالحِكَمُ الغَوالي الماءُ
هُوَ صِبغَةُ الفُرقانِ نَفحَةُ قُدسِهِ *** وَالسينُ مِن سَوراتِهِ وَالراءُ
جَرَتِ الفَصاحَةُ مِن يَنابيعَ النُهى *** مِن دَوحِهِ وَتَفَجَّرَ الإِنشاءُ
في بَحرِهِ لِلسابِحينَ بِهِ عَلى *** أَدَبِ الحَياةِ وَعِلمِها إِرساءُ
أَتَتِ الدُهورُ عَلى سُلافَتِهِ وَلَم *** تَفنَ السُلافُ وَلا سَلا النُدَماءُ
بِكَ يا ابنَ عَبدِ اللهِ قامَت سَمحَةٌ *** بِالحَقِّ مِن مَلَلِ الهُدى غَرّاءُ
بُنِيَت عَلى التَوحيدِ وَهيَ حَقيقَةٌ *** نادى بِها سُقراطُ وَالقُدَماءُ
وَجَدَ الزُعافَ مِنَ السُمومِ لِأَجلِها *** كَالشَهدِ ثُمَّ تَتابَعَ الشُهَداءُ
وَمَشى عَلى وَجهِ الزَمانِ بِنورِها *** كُهّانُ وادي النيلِ وَالعُرَفاءُ
إيزيسُ ذاتُ المُلكِ حينَ تَوَحَّدَت *** أَخَذَت قِوامَ أُمورِها الأَشياءُ
لَمّا دَعَوتَ الناسَ لَبّى عاقِلٌ *** وَأَصَمَّ مِنكَ الجاهِلينَ نِداءُ
أَبَوا الخُروجَ إِلَيكَ مِن أَوهامِهِمْ *** وَالناسُ في أَوهامِهِمْ سُجَناءُ
وَمِنَ العُقولِ جَداوِلٌ وَجَلامِدٌ *** وَمِنَ النُفوسِ حَرائِرٌ وَإِماءُ
داءُ الجَماعَةِ مِن أَرِسطاليسَ لَم *** يوصَف لَهُ حَتّى أَتَيتَ دَواءُ
فَرَسَمتَ بَعدَكَ لِلعِبادِ حُكومَةً *** لا سوقَةٌ فيها وَلا أُمَراءُ
اللهُ فَوقَ الخَلقِ فيها وَحدَهُ *** وَالناسُ تَحتَ لِوائِها أَكفاءُ
وَالدينُ يُسرٌ وَالخِلافَةُ بَيعَةٌ *** وَالأَمرُ شورى وَالحُقوقُ قَضاءُ
الإِشتِراكِيّونَ أَنتَ إِمامُهُمْ *** لَولا دَعاوي القَومِ وَالغُلَواءُ
داوَيتَ مُتَّئِدًا وَداوَوا ظَفرَةً *** وَأَخَفُّ مِن بَعضِ الدَواءِ الداءُ
الحَربُ في حَقٍّ لَدَيكَ شَريعَةٌ *** وَمِنَ السُمومِ الناقِعاتِ دَواءُ
وَالبِرُّ عِندَكَ ذِمَّةٌ وَفَريضَةٌ *** لا مِنَّةٌ مَمنونَةٌ وَجَباءُ
جاءَت فَوَحَّدَتِ الزَكاةُ سَبيلَهُ *** حَتّى التَقى الكُرَماءُ وَالبُخَلاءُ
أَنصَفَت أَهلَ الفَقرِ مِن أَهلِ الغِنى *** فَالكُلُّ في حَقِّ الحَياةِ سَواءُ
فَلَوَ اَنَّ إِنسانًا تَخَيَّرَ مِلَّةً *** ما اختارَ إِلّا دينَكَ الفُقَراءُ
يأَيُّها المُسرى بِهِ شَرَفًا إِلى *** ما لا تَنالُ الشَمسُ وَالجَوزاءُ
يَتَساءَلونَ وَأَنتَ أَطهَرُ هَيكَلٍ *** بِالروحِ أَم بِالهَيكَلِ الإِسراءُ
بِهِما سَمَوتَ مُطَهَّرَينِ كِلاهُما *** نورٌ وَرَيحانِيَّةٌ وَبَهاءُ
فَضلٌ عَلَيكَ لِذي الجَلالِ وَمِنَّةٌ *** وَاللهُ يَفعَلُ ما يَرى وَيَشاءُ
تَغشى الغُيوبَ مِنَ العَوالِمِ كُلَّما *** طُوِيَت سَماءٌ قُلِّدَتكَ سَماءُ
في كُلِّ مِنطَقَةٍ حَواشي نورُها *** نونٌ وَأَنتَ النُقطَةُ الزَهراءُ
أَنتَ الجَمالُ بِها وَأَنتَ المُجتَلى *** وَالكَفُّ وَالمِرآةُ وَالحَسناءُ
اللهُ هَيَّأَ مِن حَظيرَةِ قُدسِهِ *** نَزُلًا لِذاتِكَ لَم يَجُزهُ عَلاءُ
العَرشُ تَحتَكَ سُدَّةً وَقَوائِمًا *** وَمَناكِبُ الروحِ الأَمينِ وِطاءُ
وَالرُسلُ دونَ العَرشِ لَم يُؤذَن لَهُمْ *** حاشا لِغَيرِكَ مَوعِدٌ وَلِقاءُ
الخَيلُ تَأبى غَيرَ أَحمَدَ حامِيًا *** وَبِها إِذا ذُكِرَ اسمُهُ خُيَلاءُ
شَيخُ الفَوارِسِ يَعلَمونَ مَكانَهُ *** إِن هَيَّجَت آسادَها الهَيجاءُ
وَإِذا تَصَدّى لِلظُبا فَمُهَنَّدٌ *** أَو لِلرِماحِ فَصَعدَةٌ سَمراءُ
وَإِذا رَمى عَن قَوسِهِ فَيَمينُهُ *** قَدَرٌ وَما تُرمى اليَمينُ قَضاءُ
مِن كُلِّ داعي الحَقِّ هِمَّةُ سَيفِهِ *** فَلِسَيفِهِ في الراسِياتِ مَضاءُ
ساقي الجَريحِ وَمُطعِمُ الأَسرى وَمَن *** أَمِنَت سَنابِكَ خَيلِهِ الأَشلاءُ
إِنَّ الشَجاعَةَ في الرِجالِ غَلاظَةٌ *** ما لَم تَزِنها رَأفَةٌ وَسَخاءُ
وَالحَربُ مِن شَرَفِ الشُعوبِ فَإِن بَغَوا *** فَالمَجدُ مِمّا يَدَّعونَ بَراءُ
وَالحَربُ يَبعَثُها القَوِيُّ تَجَبُّرًا *** وَيَنوءُ تَحتَ بَلائِها الضُعَفاءُ
كَم مِن غُزاةٍ لِلرَسولِ كَريمَةٍ *** فيها رِضىً لِلحَقِّ أَو إِعلاءُ
كانَت لِجُندِ اللهِ فيها شِدَّةٌ *** في إِثرِها لِلعالَمينَ رَخاءُ
ضَرَبوا الضَلالَةَ ضَربَةٌ ذَهَبَت بِها *** فَعَلى الجَهالَةِ وَالضَلالِ عَفاءُ
دَعَموا عَلى الحَربِ السَلامَ وَطالَما *** حَقَنَت دِماءً في الزَمانِ دِماءُ
الحَقُّ عِرضُ اللهِ كلُّ أَبِيَّةٍ *** بَينَ النُفوسِ حِمىً لَهُ وَوِقارُ
هَل كانَ حَولَ مُحَمَّدٍ مِن قَومِهِ *** إِلا صَبِيٌّ واحِدٌ وَنِساءُ
فَدَعا فَلَبّى في القَبائِلِ عُصبَةٌ *** مُستَضعَفونَ قَلائِلٌ أَنضاءُ
رَدّوا بِبَأسِ العَزمِ عَنهُ مِنَ الأَذى *** ما لا تَرُدُّ الصَخرَةُ الصَمّاءُ
وَالحَقُّ وَالإيمانُ إِن صُبّا عَلى *** بُردٍ فَفيهِ كَتيبَةٌ خَرساءُ
نَسَفوا بِناءَ الشِركِ فَهوَ خَرائِبٌ *** وَاستَأصَلوا الأَصنامَ فَهيَ هَباءُ
يَمشونَ تُغضي الأَرضُ مِنهُمْ هَيبَةً *** وَبِهِمْ حِيالَ نَعيمِها إِغضاءُ
حَتّى إِذا فُتِحَت لَهُمْ أَطرافُها *** لَم يُطغِهِمْ تَرَفٌ وَلا نَعماءُ
يا مَن لَهُ عِزُّ الشَفاعَةِ وَحدَهُ *** وَهوَ المُنَزَّهُ ما لَهُ شُفَعاءُ
عَرشُ القِيامَةِ أَنتَ تَحتَ لِوائِهِ *** وَالحَوضُ أَنتَ حِيالَهُ السَقاءُ
تَروي وَتَسقي الصالِحينَ ثَوابَهُمْ *** وَالصالِحاتُ ذَخائِرٌ وَجَزاءُ
أَلِمِثلِ هَذا ذُقتَ في الدُنيا الطَوى *** وَانشَقَّ مِن خَلَقٍ عَلَيكَ رِداءُ
لي في مَديحِكَ يا رَسولُ عَرائِسٌ *** تُيِّمنَ فيكَ وَشاقَهُنَّ جَلاءُ
هُنَّ الحِسانُ فَإِن قَبِلتَ تَكَرُّمًا *** فَمُهورُهُنَّ شَفاعَةٌ حَسناءُ
أَنتَ الَّذي نَظَمَ البَرِيَّةَ دينُهُ *** ماذا يَقولُ وَيَنظُمُ الشُعَراءُ
المُصلِحونَ أَصابِعٌ جُمِعَت يَدًا *** هِيَ أَنتَ بَل أَنتَ اليَدُ البَيضاءُ
ما جِئتُ بابَكَ مادِحًا بَل داعِيًا *** وَمِنَ المَديحِ تَضَرُّعٌ وَدُعاءُ
أَدعوكَ عَن قَومي الضِعافِ لِأَزمَةٍ *** في مِثلِها يُلقى عَلَيكَ رَجاءُ
أَدرى رَسولُ اللهِ أَنَّ نُفوسَهُمْ *** رَكِبَت هَواها وَالقُلوبُ هَواءُ
مُتَفَكِّكونَ فَما تَضُمُّ نُفوسَهُمْ *** ثِقَةٌ وَلا جَمَعَ القُلوبَ صَفاءُ
رَقَدوا وَغَرَّهُمُ نَعيمٌ باطِلٌ *** وَنَعيمُ قَومٍ في القُيودِ بَلاءُ
ظَلَموا شَريعَتَكَ الَّتي نِلنا بِها *** ما لَم يَنَل في رومَةَ الفُقَهاءُ
مَشَتِ الحَضارَةُ في سَناها وَاهتَدى *** في الدينِ وَالدُنيا بِها السُعَداءُ
صَلّى عَلَيكَ اللهُ ما صَحِبَ الدُجى *** حادٍ وَحَنَّت بِالفَلا وَجناءُ
وَاستَقبَلَ الرِضوانَ في غُرُفاتِهِمْ *** بِجِنانِ عَدنٍ آلُكَ السُمَحاءُ
خَيرُ الوَسائِلِ مَن يَقَع مِنهُم عَلى *** سَبَبٍ إِلَيكَ فَحَسبِيَ الزَهراءُ