بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نور القرآن
للحياة دروب متشابكة، و مسالك متشابهة و طرائق قددا، فإن ترك الإنسان فيها من غير ما هاد يقود، ولا دليل يرشد، ولا نور يضيء ضل فيها وضاع.
قال أبو ذر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أوصني يا رسول الله) قال (عليك بتقوى الله فإنها رأس الأمر كله) قال (زدني يا رسول الله) قال: (عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض ذخر لك في السماء)....
نور لك في الأرض و إنه لنور، نور يكشف عن الحياة ظلامها وإن لها لظلاماً بل ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.... نور ينير للسالكين سبيلهم فإذا هم في ضوء كاشف ونور مبين (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبينا. فأما الذين آمنوا بالله و اعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه و فضل و يهديهم إليه صراطا مستقيما).
هناك صراط مستقيم واحد هو الذي يلتزمه الهداة المهديون بتوفيق من الله و إحسان، وهناك سبل كثيرة متفرقة معوجة متعرجة على رأس كل منها شيطان يدعو أصحابه ليكونوا من أصحاب السعير (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم و صاكم به لعلكم تتقون) صراط مستقيم واحد هو الذي يبشر به القرآن الكريم، و يأخذ بأيدي سالكيه (وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين. قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق و إلى طريق مستقيم. يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم. ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض و ليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين).
صراط مستقيم واحد من أبصره مؤمناً به، ملتزماً له، حريصاً عليه، مجاهداً في سبيله فقد أولي رشده، وألهم حجته، وبلغ غاية رغيبه، وحظاً وافياً، ونصيبا غير مجذوذ.
(قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيما ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين. قل إن صلاتي و نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين. قل أغير الله أبغي رباً وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون. وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم).
هذا الصراط المستقيم لا سبيل إلى اكتشافه أولاً والالتزام به ثانياً، و الثبات عليه ثالثاً إلا بتوفيق من الله ولذلك فإن القرآن يعلمنا الوقوف مرات ومرات سائلين مبتهلين: (إهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين). والصراط ذلك أن تقارن وتوازن بين من يستضيء بنور القرآن فيسير على صراط مستقيم، ومنهاج واضح، وبصيرة مفتوحة، وبين من يضرب في تيهاء مظلمة، يخبط فيها خبط عشواء معصوبة (أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمّن يمشي سوياً على صراط مستقيم).
فكن من ذوي البصيرة الماضية، و البصر النافذ، و القلب المشع تكن من الفائزين... إن عند المسلمين كتاباً نيراً يقرءونه اليوم غضاً طرياً كما أنزل أول مرة لم تشبه شائبة، ولم يلابسه باطل، (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)، من ابتغى الهدى في غيره أضله الله، ومن تركه من جبار قصمه الله، من حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم. وإنك لتجد على من يستمسك به من الحق شعاعاً، ومن النور قبساً، ومن الرحمة ظلالاً ذلك لأنه حق (ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين) وإنه لنور(يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام و يخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) وإنه لرحمة (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) فإلى الحق ندعو وبه نستمسك و إلى النور نقتبس منه ونهتدي به، وإلى الرحمة نتفيأ ظلالها، ونستروح نسيمها.
دمتم برعاية الله.