البناء النفسي للطفل سلاح لتحمل الضغوط
نتيجة لتغير ظروف الحياة وكثرة الضغوط بها، يبحث الآن الوالدان عن طرق لتربية أطفالهم بما يعطيهم القوة لتحمل هذه الضغوط، وتقول الدكتورة منال عمر، مدرس الطب النفسى بمعهد الدراسات العليا للطفولة، إن الطفل الذى يستطيع العيش فى أى مكان وزمان هو طفل بناؤه النفسى يسمح له أن يتشكل ويطاوع الضغوط، وهذا يرجع إلى الأسرة أيًا كان مستواها الاجتماعى والثقافى والعلمى، فمن المعروف أن الجميع يتساوى فى الأصول البيولوجية؛ لأنها لا تختلف، ولكن الاختلاف يكون فى البيئة التى ينشأ فيها الطفل.
فإذا افترضنا أسرة مستواها الاجتماعى منخفض، سنجد أن جهلها وعدم قدرتها المالية يؤثران بالسلب على صحة الطفل إذا أصيب بالمرض، وسنجد تدهورًا مستمرًا فى حالته، عكس الأسرة الأخرى ذات المستوى الاجتماعى المرتفع والتى لديها القدرة المالية لمساعدة طفلها على الشفاء، هذا على المستوى الصحى.
أما على المستوى الاجتماعى فإن الأمر مختلف تماماً، فقد تسبب الواجبات الاجتماعية ضغطًا على الطفل فى الطبقات ذات المستوى المرتفع، فلابد أن يتعلم بأسلوب معين مثل أقاربه، حيث إن رسوب هذا الطفل فى إحدى المواد الدراسية يعتبر "كارثة" عكس طفل آخر من أسرة مستواها الاجتماعى منخفض، يكون تتقبل الأمر بشكل طبيعى جدًا؛ بسبب ثقافة الأهل، فالطفل الأول لديه من العقد الاجتماعية ما يمثل ضغطًا نفسيًا عليه، فقد يصاب بالاكتئاب أو الانفصام فى الشخصية عكس الطفل الآخر الذى لديه من البساطة الاجتماعية ما يجعله يفعل هذا بسهولة.
وتؤكد الدكتورة "منال" أن هناك أطفالاً يعانون بكثير من الأمراض النفسية، وأغلبهم من الطبقات الاجتماعية المرتفعة، نتيجة للاهتمام الزائد الذى توفره هذه الأسر لأطفالها، لدرجة أن الطفل يصل إلى الإعاقة دون أن يستطيع فعل أى شىء بنفسه، أو التفكير فيما يريده، فجميع من حوله يقضون له احتياجاته، عكس طفل آخر من أسرة مستواها الاجتماعى منخفض، فنجده يعرف كل ما يدور من حوله، ويفكر بصورة رائعة، ونموه العقلى فى تزايد مستمر، ويفعل كل شىء مع أسرته، ويقضى احتياجاته بنفسه، وهذا يرجع للقاعدة المعروفة بأن الرعاية المفرطة تعادل الإهمال.